الاثنين، 14 فبراير 2011

ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم السعيد

في بطحاء مكة وفي بيت عريق في الشرف وهو بيت شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي, زوج عبد المطلب ولده الذي نجاه  الله من الذبح, من سليلة الشرف أشرف فتاة وأعفها وأكملها خلقاً آمنة بنت عبد مناف بن زهرة, وماأن تزوجها عبد الله حتى حملت منه بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم, وواكب حمله ووضعه آيات نبوته, فقد ولد صلى الله عليه وسلم من نكاح شرعي لامن سفاح جاهلي, وهي عصمة إلهية لايقدر عليها إلا الله, كذلك فعندما حملت به آمنة رأت نوراً خرج منها أضاءت له قصور الشام, واثناء حمل السيدة آمنة أتاها آت وقال: لها إنك حملت بسيد العالمين ,فإذا وضع في الأرض قولي أعيذه بالواحد الأحد من شر كل ذي حسد ,وسميه محمداً فإسمه في التوراة أحمد فيحمده أهل السوات والأرض ,.كذلك ولد الرسول صلى الله عليه وسلم مقطوع السرةعلى خلاف المواليد التي تقوم القوابل بقطع سرارهم المتصلة بأمهاتهم ,هذا بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً فلم يختن كما ختنت المواليد ,ولهذا أعجب به جده عبد المطلب وقال سيكون لإبني هذا شأناً عظيماً وحظى الحبيب محمد عند جده عبد المطلب بأكرم منزلة .
ومن آيات نبوته صلى الله عليه وسلم إنكسار البرمة التي وضعت عليه بعد ولادته على عادة النساءمن قريش, إذ وجدت منكسرة على شقين ولم يبت تحتها صلى الله عليه وسلم ,كذلك إهتز إيوان كسرى لمولده ,وسقطت أربع عشرة شرفة من شرفاته وخمدت نار فارس التي لم تخمد من ألف سنة .
ومن آيات نبوته امتلاء البيت الذي ولد فيه نوراً, ورؤية النجوم وهي تدنو منه حتى لتكاد تقع عليه صلى الله عليه وسلم, وقد رأت ذلك أمه والقابلة التي كانت معها وحدثتا به وهو حق لا باطل وصدق لا كذب .
وهذه عشر آيات واكبت ميلاده صلى الله عليه وسلم إعلاناً عن نبوته ,وإعلاماً بعلو شأنه وإخباراً بما سيؤول إليه أمره, فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف, وهي الآن مكتبة عامة, وكان ذلك عام الفيل أي بعد غزو ابرهة الحبشي لمكة بخمسين يوماً .
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة والده بأشهر إذ كان حملاً في بطن امه .
ان أول من تشرف برضاعته كانت أمه السيدة آمنة, ثم ثويبة جارية أبي لهب , ثم أرضعته حليمة السعدية, وقد رأت اثناء تشرفها بأخذه ورضاعته آيات نذكر منها إدرار اللبن في ثدييها وقوة أتانها التي كانت تركب عليه بعد ضعف  وإخضرار أرضها بعد جدب  .
أرضعته السيدة حليمة سنتين لم تعرف خلالها إلا زيادة في الخير والبركة , وكان صلى الله عليه وسلم يشب في تلك السنتين شبابً لايشبه الغلمان, فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً شديداً, فأرجعته السيدة حليمة إلى والدته وطلبت منها ان تبقيه في أرضها سنتين أخرى خوفاً من وباء مكة,  وما أن عادت حليمة به حتى حدثت له حادثة شق الصدر فأرجعته إلى والدته خوفاًعليه .
وبعد عودة الرسول إلى مكة كفلته أمه وجده عبد المطلب, وفي زيارة لها لأخوال أبيه في يثرب واثناء عودتها إلى مكة أدركتها المنية فماتت ودفنت بالأبواء ,فعادت بالحبيب جارية أبيه أم أيمن ( بركة) باركها الله ورضى عنها وهي أم أسامة بن زيد  .
سلمت أم أيمن حبيبنا الطفل إلى جده عبد المطلب فكفله , ولقد لقى حبيبنا الطاهر من جده كل حفاوة وتكريم وإجلال وتقدير مالا يقادر قدره ولا يعرف مداه ,إلا أن الجد الرحيم بحفيده مات وعمر الحبيب ثمان سنوات , فكفله عمه ابو طالب  ومازال في كفالته حتى بلغ سن الرشد, ولازمه كافله فلم يتركه ولم يسلمه لقريب أو بعيد حتى قبضه الله في السنة الحادية عشر من البعثة النبوية العظيمة , ومات ابو طالب مع الأسف على غير ملة الإسلام  .
ومن مظاهر الكمال المحمدي قبل النبوة  استسقاء عمه به وهو طفل فألصق ظهره بالكعبة, فأقبل السحاب وأغدق, وانفجر الوادي وأخصب النادي والبادي , ومن مظاهر كماله صلى الله عليه وسلم اأنه لم تكشف له عورة , فحفظه الله من كل مايسيء إلى مقامه الرفيع ومكانته السامية ,ومن مظاهر كماله إن الله قد بغض إليه الأوثان , وحكمت له قريش في أعظم خلاف له كاد يفضي بها إلى الحرب والقتال ,ووصفوه أهالي قريش بأنه الأمين إذ لم يعرف بخيانة في عرض ولا مال ولا قول ولا عمل قط .
ومن مظاهر كماله اعتراف بحيرى الراهب بكماله وبنبوته عندما رأى خاتم النبوة ,وشاهد بغضه الحلف باللات والعزى, ومن مظاهر كماله  حضوره حلف الفضول ومفاخرته به في قوله صلى الله عليه وسلم  "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان  حلفاً ماأحب  أن لي به حمر النعم ولو دعيت له في الإسلام لأجبت" ومن الكمالات المحمدية رغبة السيدة خديجة فيه وزواجها بها صلى الله عليه وسلم .
 وعندما بلغ الحبيب الأربعين من عمره صلى الله عليه وسلم جاءت ساعة طلوع الشمس المحمدية, وهاهو ذا صلى الله عليه وسلم إن غدا أوراح  لايمر بشجر ولاحجر إلا قال له السلام عليك يارسول الله  فيلتفت حوله يميناً  وشمالاً, فلا يرى أحدأ سوى الشجر والحجر يسلم عليه وفي ليلة الإثنين  من شهر ربيع الأول طلعت الشمس المحمدية ونزل إليه الوحي بخاتمة الرسالات الإلهية .
 إن الحبيب المصطفى  بشر إلا أنه أكملهم وافضلهم, وواهب ذلك الكمال هو الله عزوجل تعالى جده وعظم سلطانه, ومن هنا كان الكمال المحمدي ذاتاً وصفاتاًعطاءً إلهياً لايسامى رسول الله فيه ولايقوى القلم على رسم حقيقته .
كان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير, فخم الرأس واللحية, مشرباً بحمرة أدعج العينين, سبط الشعر, سهل الخدين, كأن عنقه إبريق فضة إذا عرق كان العرق في وجهه اللؤلؤ الرطب, لطيب عرقه وريحه, وخاتم النبوة بين كتفيه حوله شعر طيب جميل,و كانت تلك صورة الرسول صلى الله عليه وسلم رسمها أبلغ أصحابه بياناً وأفصحهم لسانأ.
وبعد إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لاتكفيها مدونة , وحب نبينا صلى الله عليه وسلم موجب لكل خير, دافع لكل شر, فأكثروا من ذكره, وأبكوا شوقأ وحنيناً إليه, واذكروا شمائله,  وعظموا آل بيته واصحابه ,أعفوا عن مسيئهم وأقبلوا من محسنهم .
إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً وقد قال صلى الله عليه وسلم " رغم انف امريء ذكرت عنده ولم يصل علي"
محمد المبعوث للناس رحمة          يشيد ماأوهى الضلال ويصلح 
لئن سبحت صم الجبال مجيبةً        لداود أولان الحديد المصفح
فإن الصخور الصم لانت بكفه        وان الحصا في كفه ليسبح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا    فمن كفه أصبح الماء يطفح
وان كانت الريح الرخاء مطيعة      سليمان لاتألو تروح وتسرح
فإن الصبا كانت لنصر نبينا          ورعب على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملك العظيم وسخرت    له الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنوز بأسرها            أتته فرد الزاهد المترجح
وإن كان إبراهيم أعطى خلة         وموسى بتكليم على الطور يمنح
فهذا حبيب بل خليل مكلم              وخصص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرواء وباللوا   ويشفع للعاصين والنار تلفح
وبالمقعد الأعلى المقرب ناله         عطاء لعينيه أقر وأفرح
وبالرتبة العليا الوسيلة دونها         مراتب أرباب المواهب تلمح
ولهو إلى الجنات أول داخل          له بابها قبل الخلائق يفتح
صلى الله على محمد                    صلى الله عليه وسلم
الهي روح روحه وضريحه         بعرف شذي من صلاة ورضوان

المراجع :ابو بكر الجزائري (هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يامحب)
ابن كثير :شمائل الرسول  ( ودلائل نبوته وفضائله وخصائصه )تحقيق عبد القادر الأرناؤوط
استودعكم في رعاية الله وحفظه حتى نلتقي مع مدونة اخرى وحدث جديد
                     اميرة مصطفى

هناك تعليق واحد:

  1. اللهم صلي على سيدنا محمد وبارك عليه
    أكثر من رائع دائما مبدعة يا أحلى ماما. الله يجزيك عنا أفضل الجزاء على التذكير بسيرة المصطفى ويجمعك و ايانا به في الفردوس الاعلى.

    العنود

    ردحذف